التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
قول الله تعالى: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات...
ص (وقال الله تعالى رسم> وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي قرآن> رسم> [يونس]، فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم، وقال تعالى رسم> بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> [العنكبوت]، وقال: رسم> إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ قرآن> رسم> [الواقعة]، بعد أن أقسم على ذلك، وقال تعالى رسم> كهيعص قرآن> رسم> [مريم]، رسم> حم عسق قرآن> رسم> [الشورى]، وافتتح تسعا وعشرين صورة بالحروف المقطعة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم رسم> من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة متن_ح> رسم> حديث صحيح. وقال عليه السلام رسم> اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم، لا يجاوز تراقيهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه متن_ح> رسم> وقال أبو بكر اسم> وعمر اسم> رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه، وقال علي اسم> رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله، واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته، وكلماته، وحروفه، ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف).
س 36 (أ) هل يقال إنه آيات. (ب) وما دليل إثبات ذلك. (ج) وما الدليل على أنه حروف وكلمات. (د) وما يستفاد من ذلك. (هـ) وما المراد بإعراب القران في الحديث؟
سؤال> ج 36 (أ) أما كونه آيات فظاهر، فإن كل سورة تشتمل على عدد آيات، أقلها ثلاث آيات كسورة الكوثر، وكل آية لها مبدأ ونهاية، وتسمى آخرها فاصلة، وأصل الآية العلامة الدالة على شيء، وقد سمى الله مخلوقاته آيات كقوله: رسم> وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ قرآن> رسم> [فصلت]- أي من البراهين التي تدل عباده على كمال قدرته، وسميت الآية من القرآن بذلك لكونها بمفردها معجزة وبرهانا، دالة على صحة الدين، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام.
(ب) وقد سمى الله هذا القرآن آيات بينات رأس> أي واضحات الدلالة، قال تعالى: رسم> وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي قرآن> رسم> [يونس]- فالإشارة في رسم> بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا قرآن> رسم> تعود إلى الآيات البينات التي تتلى عليهم، فدل على تسمية القرآن آيات، وقال تعالى رسم> بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> [العنكبوت]- والضمير في (هو) يعود على القرآن المذكور في الآيات قبلها، ثم قال بعدها رسم> وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قرآن> رسم> - إلى قوله- رسم> أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ قرآن> رسم> فأثبت أن هذا الكتاب هو الآيات التي طلبوا، أي يقوم مقامها في الدلالة والحجة.
(ج) والآية مركبة من كلمات، والكلمة مركبة من حروف، فهذا القرآن كلمات وحروف، والكلمة القول المفرد، وقد تطلق على الجملة، وأصل الحرف طرف شيء كحرف الوادي، سمي به الواحد من حروف التهجي، وقد تكاثرت الأدلة على أن القرآن كلمات وحروف، وقد حكى الله عن الوحيد المذكور في قوله تعالى رسم> ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا قرآن> رسم> [المدثر] أنه قال رسم> إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ قرآن> رسم> فقال الله رسم> سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> [المدثر]- وهو يشير بقوله رسم> إِنَّ هَذَا قرآن> رسم> إلى القرآن الذي بين أيدينا الذي هو حروف، وكذا أشار إليه الذين كفروا بقولهم رسم> لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ قرآن> رسم> [سبأ]، وأشار إليه تعالى بقوله رسم> قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ قرآن> رسم> [الإسراء].
ولما قال بعضهم: هو شعر قال الله تعالى رسم> وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قرآن> رسم> [الحاقة]، وقال رسم> وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ قرآن> رسم> [يس] - فالضمائر كلها تعود إلى هذا المقروء الموجود في المصاحف، وهو بلا شك متكون من سور وآيات، وكلمات وحروف رسم> بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ قرآن> رسم> [الشعراء]- لأن الذي ليس كذلك لا يقال إنه شعر ولا مفترى- وقد افتتح الله منه تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة، وهى آلم- ست سور، والمص، والمر، والر خمس سور، وكهيعص، وطه، وطسم سورتين، وطس، يس وحم ست سور، وحم عسق، وق، وص، ون.
وهذا دليل على أنه حروف مركبة من جنس هذه الحروف، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> من قرا القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة متن_ح> رسم> وفي المسند وسنن أبي داود اسم> وغيرهما عن جابر اسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم، لا يجاوز تراقيهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه متن_ح> رسم> أي أنهم يقرؤونه بألسنتهم، ويجودونه ويفخمون ألفاظه، ولكنه لا يصل إلى قلوبهم، ولا يتأثرون بزواجره ومواعظه، وإنما يخرج من الفم ولا يصل إلى الجوف، وهو معنى مجاوزة التراقي. ثم ذكر أنهم إنما يقرؤونه لتحصيل أجرة دنيوية عاجلة، ولا يؤجلون الأجر إلى الآخرة، وفي هذه الأحاديث التصريح بأن القرآن مركب من حروف، وكذا في قول أبي بكر اسم> وعمر اسم> رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه، وكذا في قول علي اسم> رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله. فسماه هؤلاء الخلفاء حروفا، وقد ورد في الحديث ذكر عدد الآيات لبعض السور، واتفق المسلمون على جواز عد كلماته وحروفه، وأن من جحد منه سورة، أو آية، أو كلمة أو حرفا متواترا فهو كافر، وهذا من جملة الأدلة على أن القرآن الذي هو كلام الله مركب من كلمات وحروف.
(د) ويستفاد من ذلك إثبات أنه عين كلام الله، والرد على من زعم أن كلام الله معنى قائم بنفسه، وأنه شيء واحد، إن عبر عنه بالعربية فهو قرآن، وإن عبر عنه بالسريانية فهو توراة.. الخ، وقد عرفت الدليل على إثبات كون كلام الله تعالى قديم النوع، متجدد الآحاد.
(هـ) وأما إعراب القرآن الوارد في الحديث وكلام أبي بكر اسم> وعمر اسم> فالمراد به التأكد في قراءته عن الخطأ والغلط، والنقص والزيادة، وهذا حث على حفظه وتحقيقه، والتأكد من كلماته وحروفه عند النطق بها، وهذا هو السر في تعظيم ثوابه حيث أعطي بكل حرف عشر حسنات، لأن إعرابه كذلك دليل على شدة اعتنائه واهتمامه بالقرآن، ولهذا قابله بمن لحن فيه، أي غلط بتغيير بعض الكلمات أو الحروف، زيادة أو نقصا، أو تحريفا عن خطأ أو نسيان، فخطؤه مغفور، وله بكل حرف حسنة، فضلا من الله، لأجل حسن قصده، وهذا الحديث رواه الطبراني اسم> في الأوسط وفي إسناده ضعف.
مسألة>